الحركة التجارية
الكل يعرف بأن التجارة هي من الحرف القديمة التي مارستها البشرية منذ القدم منذ أن كانت تجارة المقايضة هي التجارة التي كانت سائدة في ذلك الوقت وتطور هذه المهنة والتاريخ العالمي يشير إلى ذلك بكل وضوح حيث أعتمد عليها الكثير من الدول اعتمادا كبير أو كان اعتماده الأساسي كان منصب على التجارة الدولية سواء سلكت هذه التجارة الطرق التجارية البرية أو البحرية و يشير التاريخ بكثرة إلى الحركات التجارية التي قامت بين دول العالم وتأثر العلاقات الدولية بالحركات التجارية فلا عجب في أن تكون التجارة في الكويت هي الحرفة الرئيسية فلقد امتدت جذور هذه المهنة إلى عصور قديمة في شبة الجزيرة وقد مارسها العرب قديما في الجاهلية حيث أشار القران الكريم لها في رحلة الشتاء والصيف وكذلك مارسوها في العصور الإسلامية المتعاقبة قبل أن يأتي الكويتيون إلى الكويت وهي المهنة الرئيسية التي أمتهنها أغلب الكويتيون منذ أن وطأة أقدامهم أرض الكويت ويرجع ذلك إلى عدة أسباب منها:
1- عجز البيئة الصحراوية على مساعدة الإنسان الكويتي في الاستقرار وعدم الترحل بسبب قلة الموارد الطبيعية في هذه البيئة الطاردة التي تعتبر من أفقر البيئات في العالم والتي أيضا يندر بل يكاد أن يكون معدما فيها سقوط الأمطار حيث تنعدم كليا مصادر المياه فلا تقوم حرفة الزراعة التي تساعد على الاستقرار والتوطن وإنشاء المدن الكبيرة المعروفة في العالم والتي استقرت عند مناطق توفر المياه أضف إلى ذلك أيضا عامل درجة الحرارة وهو عامل مهم جدا ويجب أن يؤخذ في الحسبان حيث نلاحظ بأن المدى الحراري اليومي بين الليل والنهار كبير جدا كذلك المدى الحراري السنوي بين فصلي الصيف والشتاء هو الأخر كبير جدا ولهذا أتجه أغلب السكان إلي التجارة كبديل لأي حرفة يمارسونها في بلدهم
2- أن الكويتيين عرب وهم في نفس الوقت تجار بالفطرة وتوارثوا هذه المهنة أب عن جد أنهم عرب مارسوا التجارة منذ الآلاف السنين وقد جاء ذكر التجارة للعرب في القران الكريم عندما أشار القران إلى رحلة الشتاء والصيف كما سبق وأن أشرنا
لايلا ف قريش إيلا فهم رحلة الشتاء والصيف. … ( صدق الله العظيم )
3- استدلال الكويتيين إلي المسالك والطرق البرية والبحرية بسبب إدراكهم إلي الحركات الفلكية ومسار ومواقع النجوم والأفلاك والكواكب والتي توارثوا معرفتها من الرحالة والملاحين العرب القدماء وكذلك معرفة ونبوغهم في تميز حركات الرياح والعواصف التي تهب على منطقة الخليج وكذلك اختيار الفترات التي يرونها مناسبة لسفراتهم وتجولهم في المحيط الهندي والخليج العربي
4- موقع الكويت الجغرافي الجيد في الشمال الغربي من منطقة الخليج أعطاها بعدا إستراتيجي و جعلها من المراكز الهمة في التجارة الدولية فيه منطقة متوسطة وهمزة وصل تربط ضفتي الخليج العربي بعضهما ببعض حيث أنها منطقة تلقي فيها التجارة البحرية مع البرية مما جعلها حلقة وصل تربط بين مناطق توزيع لطرق التجارة الدولية لجميع أنحاء العالم فقد ربطت الشرق بالغرب كما رطبت أيضا شبه الجزيرة العربية مع العراق وكذلك مع البلاد الشام أو الهلال الخصيب ففيها يكون التقاء السفن البحرية التجارية مع القوافل البرية التجارية لكي تحمل البضائع التجارية وتسير بها إلى جميع الأسواق العالمية وهو ما يعرف اليوم بتجارة إعادة التصدير
5- وجود مدينة الكويت على الخليج العربي ووقوعها على خليج الكويت أو ما كان يعرف سابقا (بجون الكويت )الذي هو ميناء طبيعي يحمي السفن من العواصف والأمواج العالية ولذلك العديد من السفن كانت تلجا إلي هذا الميناء الطبيعي حماية من الأمواج العالية مما إنشاء حرفة تختص بصناعة السفن
هذه الحركة التجارية ساعد على قيامها العديد من العوامل الرئيسية والثانوية وهي كالأتي :
أن حكام الكويت المتعاقبين على حكم هذه الأمارة أدركوا منذ قيام الكويت ككيان سياسي بأهمية التجارة الدولية ولهذا فأنهم وفروا الأمن والاستقرار في المنطقة الواقعة ضمن نفوذهم فقد كان الحكام ينزلون العقاب الصارم لمن يحاول أن يهز الأمن في البر أو البحر هذه العقوبات حدت إلى مدى بعيد من عمليات السلب والنهب في البر وكذلك القرصنة البحرية ولهذا فقد قامت الكويت بمساعدة القوى الدولية مثل هولندا وبريطانيا بالإضافة إلى القوى الإقليمية في الخليج إلى محاربة القرصنة البحرية في مياه الخليج ولهذا نجد أن الكويت لم تتردد في عقد اتفاقية مع بريطانيا في عام 1841 وهي اتفاقية مشاركة بين دولتين مستقلتين هي الكويت وبريطانيا لمحاربة القرصنة البحرية حيث أن القرصنة البحرية كانت منتشرة في جميع بحار العالم كذلك محاربة تجارة الرقيق .
أن القرصنة البحرية كانت منتشرة انتشارا كبيرا في جميع البحار العالمية دون استثناء وأن أشهر قرصان ظهر في مياه الخليج هو البحار أو القرصان الكويتي (أرحمه بن جابر الجلاهمه) والمعروف بتاريخ الكويت حيث بسط سيطرته على مياه الخليج أثار الرعب بين كل التجار الكويتيين استولى على أكثر من عشرين سفينة كويتية
أن النشاط التجاري أصبح يشكل عائد اقتصادي كبير ودخل مالي وفير على الكويت من حكام وشعب حيث أن المكوس الجمركية ( الضرائب الجمركية) كانت تشكل عماد الدخل القومي للكويت ود قدر دخل الكويت من الضرائب الجمركية في عهد الشيخ مبارك الصباح بأكثر من مليوني (2000000 )روبية سنويا وهذا المبلغ يعتبر كبير في حساب تلك الأيام ولهذا فأن الحكام أخذوا يقدمون كافة التسهيلات التي تنشط الحركة التجارية وتنميها وتجعلها مزدهرة مثل إقامة علاقات اقتصادية جيدة مع العديد من الدول المطلة على الخليج وغيرها من الدول الواقعة على المحيط الهندي مثل الهند واليمن ودول شرق أفريقيا.
أن ازدياد الحركة التجارية وما سببته من ربح مادي كبير بالإضافة إلى تدهور في حرفة الغوص و الكساد الذي شاب هذه المهنة شجع الكثير من الكويتيين الذين كانوا يعملون في الغوص على اللؤلؤ إلى تحولوا من هذه المهنة إلى مهنة تدر الخير أكثر عليهم وهي التجارة الدولية حيث ثروات الكثير من هؤلاء التجار الأغنياء كانت كبيرة جدا وكانت تتراوح ملكيتهم ما بين العشرون ألف روبية إلى الستون ألف روبية كما أن متوسط ملكية التجار المتوسطون تبلغ في المتوسط حوالي سبعة آلاف روبية وقد ساعد هذا زيادة في النشاط التجاري وكثرة البضائع المستوردة إلى زيادة في الضرائب الجمركية مما أدى بالتالي إلى ازدياد دخل الكويت القومي
عندما قامت الحرب بين في عام 1776 بين الدولة الفارسية والدولة العثمانية ودخول القوات الفارسية إلى البصرة خلال الفترة من عام 1776 إلي عام 1779 أنتقل نشاط وكالة الهند الشرقية الإنكليزية إلي الكويت بعد أن كان متمركزا في مدينة البصرة مدة طويلة من الزمن وبهذا الانتقال أدى إلى انتقال مركز البريد الإنجليزي من البصرة إلى الكويت ومن ثم شمل هذا الانتقال جميع النشاطات التجارية الأوربية ساعد على هذا الانتقال العلاقات السيئة والمتوترة دائما والتي كانت تتميز بها العلاقات بين الدولة العثمانية والدولة الفارسية فقد ساعدت هذه العلاقات السيئة بين هاتين الدولتين في أن تكون الكويت هي المركز البديل الناجح تجاريا بدلا من البصرة حيث أصبحت الكويت لا البصرة بفضل هذا العامل ذات نشاط تجاري فعال ومركز عالمي في مجال التجارة الدولية 6- كثرة الوافدين عليها خصوصا الأثرياء من جميع أرجاء المنطقة الذين وفدوا إليها من عدة أماكن وعلى وجه الخصوص ارض نجد وفارس والعراق خلال فترة حكم الشيخ عبد الله الأول الحاكم الثاني للكويت وكذلك وفدوا إليها خلال فترة حكم الشيخ مبارك الصباح نتيجة للاستقرار السياسي والأمني والقضاء على أعمال القرصنة والسلب والنهب التي كانت منتشرة في الجزيرة العربية مما أدى إلي الازدهار الاقتصادي الذي نمى وطور الكويت
7- المكوس الجمركية المخفضة و الإعفاءات الجمركية والتسهيلات على جميع البضائع الواردة إلي الكويت مما ساعد على نشوء حركة تجارية كبيرة حيث استفاد الكثير من التجار مما جعل الكويت وكأنها منطقة تجارية حرة ساعدت على حركة تجارة الترانزيت وإعادة التصدير
8- بناء السفن الكبيرة والعالية والتشجيع على صناعتها وتوفير كل السبل التي تؤدي إلي تطور هذه الصناعة والرغبة في تنمية التجارة الدولية الكويتية والوصول إلى أقصى المواني والتي تقع في المحيط الهندي والتشجيع على الوصول إليها
لهذه العوامل وغيرها من العوامل السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية الأخرى جعلت من الكويت مدينة تجارية مفتوحة لها باع طويل في التجارة الدولية مما أدى إلى ظهور اسمها في العالم كا نقطة وصل بين دول العالم وأصبح اسمها معروف في المنطقة كمدينة تجارية هامة لها تأثيرها المباشر على حركة التجارة الدولية في منطقة الخليج والجزيرة العربية بل المنطقة العربية الأمر الذي أدى في آن يصبح اسمها معروف وأن يفد إليها الجميع وخصوصا الرحالة الأجانب الذين ذكروا الكويت في مؤلفاتهم فقد ذكر الرحالة ( نيبور) الذي زار الكويت في عام 1765 وهو أول رحالة أجنبي يكتب عن الكويت :-
(أن عدد سكان الكويت يبلغ عددهم 10000 نسمة وأن عدد السفن الموجودة فيها حوالي 800 سفينة وان الكويتيون يعتمدون في حياتهم الاقتصادية على التجارة والغوص وصيد الأسماك والغوص على اللؤلؤ )
وبعد هذا الرحالة بمائة عام لم يفد خلالها إلي الكويت آي رحالة أجنبي معروف أو ذكر الكويت في مؤلفاته ولكن من الممكن جدا أن يمر إلي الكويت العديد من الرحالة أو رجال أعمال أو سياسة أجانب ولكن لم يذكرها إلي أن قدم إلي الكويت الرحالة بلجريف في عام 1862 وذلك في عهد الشيخ صباح الثاني الذي حكم الكويت خلال الفترة من 1859 -1865 الذي قال أن الكويت من أكثر المواني الخليج حيوية ونشاط تجاريا في الاستيراد وإعادة التصدير
أما الرحالة ( بيلي ) الذي زار الكويت في عام 1865 في أواخر عهد الشيخ صباح الثاني فقد ذكر في مؤلفه أن للشيخ الكويت سمعة طيبة في الداخل والخارج وان أدارته حكيمة وان الضرائب التي يفرضها على السكان والبضائع الواردة زهيدة جدا كما أن سكانها متآخين يعرف كل منهم الأخر ويعتبرون من أكفاء واقدر بحارة الخليج يمتازون بالأخلاق الحميدة والمعاملة التجارية الجيدة و أن بها العديد من المتاجر التي لها علاقة بالبضائع البحرية وان ميناء الكويت لم يكون معروفا قبل خمسين سنة لكنه ألان يعتبر من المواني المهمة الموجودة في الخليج .
هكذا كانت الكويت في عيون الرحالة الأجانب حسب ما رأوها في ذلك الوقت ولكن بعد هذه الفترة جرت العديد من التحولات والتغيرات بكل الميادين في الكويت و تطورت الأمور الاقتصادية والتجارية والسياسية وارتبطت الكويت بعلاقات تجارية دوليه أكبر وأكثر مع بريطانيا ودول المنطقة مثل إيران والعراق و نجد و الإحساء (المملكة العربية السعودية ألان ) وبقية مواني الخليج وازدادت هذه العلاقات التجارية وتطورت خصوصا في عهد الشيخ مبارك الصباح الذي اتفق مع شركة البواخر البريطانية الهندية بإنشاء خط منتظم الرحالات بين الكويت والهند برحلة واحدة للبواخر البريطانية كل أسبوعين وان تكون هذه الرحلات على البواخر البخارية السريعة وان تدخل ميناء الكويت حلال هذه الفترة وتتزود بالمواد الغذائية من السوق الكويتية ومن هذه الرحلات أصبح من المتيسر آن يسافر التجار الكويتيين إلي الهند بدون مشقة مرتين في الشهر بعد أن كانت هناك مشقة في السفر إلي الهند حيث إن السفن البريطانية الكبيرة لم تكن ترسو في ميناء أكثر من مرتين في السنة كما أن البضائع أخذت تصل إلي الكويت مباشرة بعد أن كانت تنقل إلي المواني الإيرانية مثل ميناء بندر عباس أو ميناء المحمرة ومن ثمن تنقل إلي الكويت عن طريق السفن الشراعية فقد ذكر انه ما بين عامي (1905 –1906) فقد رست في الكويت أكثر من خمسين سفينة تجارية بخارية وكلها بريطانية أفرغت حمولة إجمالية تبلغ أكثر من (51) ألف طن من البضائع أفرغت حمولتها في ميناء الكويت وهذا الرقم للسفن البريطانية فقط دون النظر إلي البضائع التي تستورد بواسطة السفن الشراعية الكويتية وإذا دققنا النظر في الكمية من البضائع التي نزلت في ميناء الكويت نجد أن هذه الكمية كبيرة جدا بمقاييس تلك الفترة مما يعطي إشارة واضحة جدا على أن تجارة الترانزيت و إعادة التصدير لها مكانة ممتازة بالوضع الاقتصادي الكويتي
وزادا الارتباط التجاري بين الكويت والعديد من الدول وذلك بتشجيع من الشيخ مبارك الصباح الذي شجع العديد من التجار بزيادة وارداتهم من الدول المجاورة والدول الأخرى وخصوصا الهند المستعمرة البريطانية التي كانت تعتمد الكويت كليا على العديد من البضائع التي تستوردها منها مما حدي بالشيخ مبارك أن يشجع التجار الكويتيين على أن ينشئوا بما يمكن أن يسمى تجاوزا وكالة تجارية كويتية أهلية غير حكومية بالهند وفي مدينة بومباي ومقرها إحدى الدواوين أو بيت الضيافة التابع لأحد الأسر الكويتية التي كانت تعيش في الهند حيث يجتمع في هذه الديوانية العديد من التجار ورجال الأعمال الكويتيين كل يوم فيها
اختصت هذه الوكالة في التجارة و المعاملات التجارية و هذه الوكالة أخذت كل الدعم والعون من الشيخ مبارك وبموافقة ضمنية منه ولكنها غير رسمية أو معتمدة من قبل الحكومة البريطانية ولكن الحكومة البريطانية بدورها ساعدت على قيام هذه الوكالة بل أنها ذللت لها كل المصاعب التي كانت تواجهها هذه الوكالة حيث أخذت هذه الوكالة على عاتقها مهمة العناية بالجالية الكويتية في الهند والبحارة الكويتيين المترددين على المواني الهندية وتقدم لهم كل المساعدات الممكنة إلي درجة أن العديد من الأشخاص كانوا يعتقدون اعتقاد خاطئ بأن هذه الوكالة هي بمثابة هيئة قنصلية كويتية معتمدة في الهند مثل ما للحكومة البريطانية معتمد سياسي في الكويت وبفضل هذه الوكالة التي كانت تشرف على العمليات التجارية ازدادت الحركة التجارية بين الكويت والهند ازديادا ملحوظا حيث أن أغلب البضائع كانت تستورد منها إلي أن جاءت الحرب العالمية الأولى فازدادت الحركة التجارية في الكويت عما كانت علية حيث نشطت تجارة إعادة التصدير فآخذت الكويت تعيد تصدير البضائع إلي العديد من الدول وتأتي في مقدمتها سوريه والحجاز بل أن البضائع الكويتية وصلت حتى اسطنبول عاصمة الدولة العثمانية والتي هي أحد الأطراف المشاركة في هذه الحرب وذلك بسبب عدم وصول البضائع إليهما عن طريق البحر بسبب انشغال البحر المتوسط والبحر الأحمر بالعمليات الحربية فيهما وتعرض الكثير من السفن التجارية بالغرق نتيجة للمعارك البحرية واستمر النشاط التجاري في الكويت خلال الحرب العالمية الأولى أو كما كانت تسمى في ذلك الوقت بالحرب العظمى .
ولكن بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وفي عهد الشيخ سالم المبارك أصيب الاقتصاد الكويتي بنكسة شديدة أنشلت فيها الحركة التجارية بصورة عامة حيث عم الكساد التجاري الكويت ويعود هذا الكساد إلي عدة أسباب منها :-
1- الأزمة الاقتصادية العالمية التي نشأت بعد الحرب العالمية الأولى حيث هبطت الأسعار العالمية للبضائع مما أدى إلي هبوط التبادل التجاري بين دول العالم
2- الحصار الذي فرضه الأخوان على الكويت والمقاطعة التجارية بين الكويت ونجد وقيام حرب الجهراء عام 1920
3- قلة البحارة الوافدين من نجد للعمل في لمجال التجاري البحري بسبب المشاكل السياسية التي نشأت بين الشيخ سالم المبارك والملك عبد العزيز بن سعود
4- نشوب الأزمة التجارية وعدم إمكانية تصريف البضائع في السوق المحلي أو السوق الخارجي
5- انخفاض أسعار المحاصيل البحرية وبوجه الخصوص انخفاض كميات اللؤلؤ المستخرجة من البحر وتدني أسعارها
أدت هذه الأزمة الاقتصادية إلي أن انخفض عدد السفن التي يتكون منها الأسطول البحري التجاري الكويتي المخصص لجميع أنواع الاستعمالات البحرية من غوص على اللؤلؤ وصيد الأسماك والنقل التجاري من ألف ومائتان سفينة إلي ثمانمائة سفينة ذات أحجام مختلفة فمن الطبيعي جدا أن يكون هناك انخفاض في الواردات نتيجة لانخفاض هذا العدد الكبير من السفن وبالتالي ينخفض أيضا عدد البحارة العاملين في الأسطول الكويتي حيث أن عدد أفراد طاقم كل سفينة يعتمد على حجمها فهناك سفن السفر الصغيرة الحجم فان عدد بحارتها يكون ما بين (12-14) بحار والتي عادة ما تكون حمولتها( 2000 ألفان من ) إي ما يعادل (150)طن و أما التي يكون عدد بحارتها( 45- 50)بحار فان حمولتها تكون (5000 خمسة آلاف من أي ما يعادل (375 طن) أي بمعادلة حسابية بسيطة يتبن لنا أن البحار الواحد في السفينة يكون مسئولا عن تحميل وتفريغ ( 100مائة من )أي ما يعادل سبعة أطنان ونصف الطن أو(7500 ) سبعة آلاف وخمسمائة كيلو جرام و بمعادلة الأوزان القديمة بالحالية نجد أن – المن وهو من وحدات القياس المستخدمة في ذلك الوقت يساوي (75)خمسة وسبعون كيلو جرام أو أن الطن الواحد يساوي ثلاثة عشر مناً وثلث المن ومن هذه العملية الحسابية يتبن لنا أن انخفاض عدد السفن الكويتية يؤدي بالتالي إلي انخفاض البحارة العاملين في الأسطول التجاري وهذا بالتالي يعني انخفاض دخل الأسرة الكويتية وانتشار البطالة في الكويت مما يؤدي إلي التضخم وانخفاض القوة الشرائية للروبية وهي العملة المستخدمة في ذلك الوقت في الكويت الركود في الحركة الاقتصادية وبالتالي كساد التجارة وضعف في تداولها.
وقد كان للحصار آثاره السيئة على الاقتصاد والمجتمع الكويتي فقد أفلس العديد من التجار الكويتيين بسبب عدم استطاعتهم تحصيل المبالغ المالية التي يطلبونها من التجار السعودية فقد كان أسلوب التجارة بين تجار البلدين هو أسلوب تجارة التصريف أي أن التاجر السعودي يستلم البضاعة ثم بعد أن يبيعها يدفع ثمنها إلي التاجر الكويتي كما أن منع الرعايا السعوديين من الدخول إلي الأراضي الكويتية أدى إلي تعطيل مراكز الحدود كذلك الكثير من المرافق الكويتية
أما سبب الحصار الاقتصادي الذي ضرب على الكويت فيعود إلي سببين رئيسيين وهما :-
1- سوء العلاقات السياسة بين الشيخ سالم والملك عبد العزيز بسبب رفض الشيخ سالم قيام مراكز جمركية سعودية داخل الأراضي الكويتية مما حدا بالملك عبد العزيز على منع رعاياه من الذهاب إلي الكويت واستيراد البضائع منها
2- اعتقاد بريطانيا في 1918 وذلك أثناء الحرب العالمية الأولى أن الكويت تزود الدولة العثمانية بالمواد التموينية و الامدادت العسكرية التي تصل إلي الدولة العثمانية عن طريق دمشق حيث أن التجارة كانت قوية بين الكويت والشام فضربت بموجبه بريطانيا حصار على السفن الكويتية.
اعتقد الشيخ سالم المبارك أن الحصار البريطاني على الكويت كان بتحريض من عبد العزيز بن سعود حيث أن هذا الحصار السعودي استمر أكثر من عشرين سنه ولم يرفع هذا الحصار إلا بعد قيام مفاوضات مباشرة طويلة وشاقة بين الشيخ احمد الجابر والمقيم السياسي البريطاني من جهة والملك عبد العزيز بن سعود من جهة أخرى انتهت بتوقيع اتفاقية تجارية بين الكويت والسعودية بتاريخ 20/4/1942 تنظم الحركة التجارية بين البلدين وفترة الحصار وأن سببت بعض المتاعب الاقتصادية للكويت ألا أنها كانت هي الفترة التي تسمى بالعصر الذهبي للبحرية الكويتية وأسطولها التجاري فهي الفترة التي أصبح فيها الأسطول الكويتي هو مصدر الدخل الرئيسي للكويت حيث تولى فيها الأسطول التجاري الكويتي على سيطرة الشبه التامة للنقل البحري في الخليج و تم الاستعاضة عن التجارة مع السعودية في مهنة النقل البحري داخل الخليج حيث يقال أن السفن الكويتية كانت تغطي مياه الخليج وهي موجودة في جميع المواني الخليجية.
فعندما قامت الحرب العالمية الثانية ذكر أن عدد السفن المخصصة للنقل التجاري البحري أكثر من مائتين وخمسون سفينة كويتية تتراوح حمولتها ما بين(1200) من أي (90) طن إلي (5000) من أي (375) طن وقد اختص نوعان من السفن التي استخدمت للنقل البحري النوع الأول وهو الأكثر شهرة في الخليج والذي يطلق عليه (بوم سفار )وهو ابتكار وتصميم كويتي بحت أما النوع الثاني وهو الأقل شهرة فيعرف باسم (البغلة )وهي من تصميم هندي مأخوذ من التصميم الأسباني حيث يستخدم هذا النوع أيضا في الغوص على اللؤلؤ
هذه الأزمة الاقتصادية والتي نشأت خلال الحرب العالمية الأولى ولنحددها بصورة أوضح بالحصار البريطاني وليس السعودي لم يستمر طويلا فقد أبدى النشاط والحركة التجارية تزداد وينمو فقد أزداد عدد بناء السفن الجديدة مما زاد عدد سفن الأسطول التجاري الكويتي واستمر هذا الوضع إلي فترة ما قبيل الحرب العالمية الثانية حيث وصل إلي الذروة فعندما نشبت الحرب العالمية الثانية كان الأسطول التجاري الكويتي كبير يصل عدد سفنه أكثر من مائتان وخمسون سفينة كويتية كما ذكرنا وقد استخدمت بريطانيا الأسطول التجاري الكويتي أثناء الحرب في المجهود الحربي البريطاني نقل الكثير من البضائع والأعتدة إلي مواني الدول الحليفة والتي تقع في الخليج العربي كما أن بريطانيا أوصت صناع السفن الكويتيين بصناعة العديد من السفن ذات المواصفات الخاصة والتي تتمشى ومتطلبات المجهود الحربي البريطاني والقيادة الحربية البريطانية
لقد استفادت الكويت اقتصاديا من هذه الحرب حيث أن الأسطول الكويتي لم يتعرض إلي حوادث الحرب والتي استمرت (4) سنوات ألا مرة واحدة فقط حيث دمرت باخرة حربية ألمانية سفينة تجارية كويتية فأغرقتها ولهذا فأن الكثير من الدول التي شاركت فعليا في هذه الحرب كا بريطانيا والولايات المتحدة استفادت من الأسطول الكويتي حيث نقل العديد من المعدات البحرية إلي المناطق التي يسيطر عليها دول الحلفاء في منطقة الخليج والمحيط الهندي
لقد كانت التجارة الدولية تشكل العمود الفقري للاقتصاد الكويتي بسبب قلة عدد السكان في الكويت مما جعل حجم السوق المحلي صغير جدا و ضعيف في إمكانياته التجارية لهذا فان التاجر الكويتي استعاض عن السوق المحلية بالسوق الخارجية حيث يتم بيع البضاعة أحيانا قبل أن تزل إلي البر بل أن في بعض الأحيان لا تنزل بضاعتها بل تغادر على الفور إلي إلي الجهة التي يطلب منها المشتري أن تتوجه إلية
ولهذا فلا نجد غرابة في أن يكون التاجر هو نفسه صاحب السفينة بل أن في بعض الأحيان يكون هو التاجر وهو نقسه ( النوحذة ) أي قائد السفينة لهذا فان الكويتيين كانوا حريصين كل الحرص في أن تكون سمعتهم التجارية جيدة ولهذا يندر أن تجد بينهم حالات الغش التجاري فهم يدركون جيدا أن رأسمال التاجر هو سمعته الجيدة وبدونها يفقد ويعدم كل شئ ولهذا فقد نشأ نوع من الأساليب الاقتصادية التي تداولها التجار الكويتيين وهو ما يعرف (بالبضعة أو التبضيع) وهو أسلوب تعاوني مشترك ومحدد بفترة زمنية معينة يكون بين تاجرين الأول منهم يكون الممول والثاني يكون المتمول أما الأول وهو التاجر الذي يقدم رأس المال كا استثمار يرغب في أن يدر علية عائد كبير من المال فأما أن يكون رأس المال هذا نقديا أو يكون بالعادة بضاعة يبيعها أما الثاني وهو المتمول وهو عادة ما يكون فردا لا يملك رأس المال الذي يمكن أن يفتح له تجارة يعمل بها ولهذا فأن يقبل بهذا الأسلوب الذي عادة ما يكون محاط بكثير من الصعاب والمشقة للطرفين ولكن التعاطف الذي بين الكويتيين كان يلغي هذه المخاطر حيث يجد المتمول التسهيلات التي يقدمها الممول له فلا يضغط علية مطالبا بالتسديد ويبعد عنه كل ما فيه إحراج له كما أن كثير من الممولين يقولون للمتمولين (تراك داخل في الربح وطالع من الخسارة) أي أن الربح يكون بين الطرفين أما الخسارة فيتحملها الممول وحدة ومع هذا فان المتمول يجد في العمل حتى يحقق الربح وتكون سمعة جيدة بين التجار وخصوصا الذين دائما يبحثون عن التاجر المتمول الذي يستثمر أموالهم وعادة ما يكون تقسيم الربح على الشكل التالي يرجع المتمول رأس المال كامل إلي الممول ويستقطع من الأرباح كل المصاريف التي صرفت على هذه العملية التجارية ثم يقسم صافي الربح بنسبة ثلثين إلي الممول وثلث إلي المتمول . ولهذا نجد أن روح الألفة والترابط والتآزر لم تنقطع أواصرها بين الكويتيين وكانت سائدة في المجتمع الكويتي حيث يسارع الجميع عندما يتعرض أي شخص إلي خسارة كبيرة قد تفقده توازنه في العمل التجاري ولهذا فان الكثير من التجار يقدمون الدعم المالي كا مساعدة لأي تاجر يتعرض إلي هزة اقتصادية أو خسارة مادية تؤثر في وضعه المالي مثل خسارة في بضاعته أو غرق السفينة التي يملكها ولهذا فان الدعم المالي يقدم بكل سهولة بل أن في بعض الأحيان يكون الدعم المالي أكثر من قيمة البضاعة التي خسرها .
كما نلاحظ أن التعاون بين الكويتيين يتبين بصورة جلية و واضحة عندما يتم بناء السفينة الجديدة ) الوشار ( و إنزالها إلي البحر وان أول خطوة تؤذن بالشروع في إنزال السفينة أو ما يسمى عند الكويتيين ( قطة البوم ) في البحر هو رفع علم الكويت ( أو نشر البنديرة ) على سارية السفينة وهي لا تزال على الأرض في (العمارة ) وهو المكان المخصص لبناء السفينة كما هو معروف في اللهجة المحلية وهذا مؤشر على موعد إنزال السفينة إلي البحر حيث يتطوع الكثير من الكويتيين بمساعدة صاحب السفينة دون أجر أو مقابل مادي وتسمى هذه العملية التطوعية (بالفزعة ) حيث أن الكثير من العائلات الكويتية المعروفة ترسل ممثلين لها للمشاركة في (قطة البوم الوشار ) وعندما يتم إنزال السفينة إلي البحر يقيم صاحب السفينة تقام حفلة غناء وطرب ووليمة كبيرة تذبح بها الذبائح يحضرها كل من شارك في عملية الإنزال هذه ابتهاجا بهذه المناسبة
وعندما تبدأ السفينة في رحلاتها التجارية على خطوط الملاحة البحرية المعروفة فان كثير من التجار الكويتيين أو غيرهم من التجار من الدول يرغبون في الشحن عليها خصوصا وأنها لا تزال (وشار ) أي جديدة كما أن السفن الكويتية مرغبوه أكثر من غيرها من السفن الأخرى علما بان أسعار الشحن أو كما يسميه التجار ( النول ) أو كلفة الشحن على السفن الكويتية أعلى بكثير من السفن من الجنسيات الأخرى حيث تتراوح نسبة هذه الزيادة ما بين( 20 – 25% )بسبب سمعة التاجر الكويتي الجيدة والذي أشتهر بالحرص الشديد والمحافظة على البضائع التي يحملونها على سفنهم وعندما عرف التأمين على الشحن البحري فأن كل شركات التأمين الهندية كانت تؤمن على البضائع المشحونة من الهند على السفن الكويتية بينما ترفض التأمين على السفن الخشبية الغير الكويتية
كما أن هناك نوع من الرحلات البحرية تسمى (القطاع) وجمع هذه الكلمة (قطاطيع) تقوم بها السفن الكويتية ولكنها محصورة في داخل مياه الخليج وان كانت تتعدها في بعض السفرات إلي بحر العرب كا الوصول إلي مواني التي تقع في المحيط الهندي كا عدن والصومال وغيرها من المواني التي تقع في هذا المحيط حيث تبدأ عادة رحلة (القطاع) و بصورة عامة من الكويت ثم إلي البصرة ثم بعد ذلك يتجه إلي المواني العربية أو الفارسية في الخليج حسب الطلب الزبون العميل في نقل البضاعة إلي الميناء المرغوب فيه حيث لا يعرف النوخذه أو قائد السفينة قبل أن يصل إلي الميناء أين ستكون رحلته القادمة بعد هذا الميناء وقد اختصت رحلة القطاع في نقل الركاب والبضائع وحتى الماشية والخيول ويمكن تشبيه رحلات (القطاع) برحلات سيارات التاكسي التي تحت الطلب
أما نظام توزيع إيرادات السفينة فيتم بعد كل رحلة مباشرة من الكويت و حتى العودة إليها بغض النظر عن طول مدة هذه الرحلة حيث توزع الإيرادات كا حصص عادلة بين الجميع وتسمى كل حصة أو نصيب البحار (قلاطة ) وهو ما نسميه اليوم سهم وجمع كلمة قلاطة (قلايط ) وهي تعني الأسهم حيث يستلم كل بحار في السفينة جزء مقدم من أتعابه قبل السفر هذا المقدم يسمى )تسقامة( تستقطع هذه ) التسقامة ( من أتعابه أو (قلاطته) في نهاية الرحلة
أما طريقة توزيع دخل السفينة أو أرباحها فأنه يستقطع أولا وقبل التوزيع الحصص والأرباح جميع المصاريف التي دفعت من رسوم الرسو في المواني ومصاريف الأكل وأية مصاريف أخرى طارئة كا إصلاح السفينة عند عطبها وغيرها من الأمور الطارئة الغير متوقعة وهذه عادة تشكل ما بين (10-15 %) من دخل السفينة ثم يوزع المبلغ الباقي بحسب الطريقة التالية :
1- خمس المبلغ الباقي بعد اقتطاع المصاريف وهو ما يعادل (40 %) من صافي الدخل لصاحب السفينة وتسمى حصة البوم مضاف أليه قلاطة واحدة للماشوة وهو زورق السفينة .
2- أربع قلايط أو أسهم) إلي قائد السفينة وهو النوحذة المعلم الماهر في إدارة السفينة والملم في المسالك البحرية والعارف إلى أمور الفلك ومواقع النجوم وهو الأمر و الناهي والسيد المطلق فيها
3- ثلاث قلايط إلى النوخذه العادي أو (السهل) الذي لديه معرفة ليست كبيرة في بعض خطوط وطرق التجارة
4- قلاطتين للنوخذا الشراع إذا كانت السفينة كبيرة جدا وهو المسئول عن رفع الشرع و إنزالها وأدارتها حسب اتجاه الرياح
5 – المجدمي العود وله قلاطتين وهو رئيس البحرية والمسئول الأول عن السفينة أمام النوحذة.
6 – المجدمي الصغير وله قلاطة ونصف وهو مساعد رئيس البحرية
7 – السكوني وهو الذي يمسك دفة السفينة وله قلاطة ونصف وعادة يكون في السفينة اثنان إلى ثلاثة سكونية
8 – الأستاذ وله قلاطة ونصف وهو نجار السفينة وهو المسئول عن صيانتها وإصلاح كل عطب يصيبها
8 – الطباخ وله قلاطة وربع وهو الذي يطبخ الآكل ويجهزه للبحارة وهو مسئول عن مخزن الآكل في السفينة والذي يسمى (الدبوسة )
9 – وتكون هناك قلاطة واحدة لكل فرد من بقية طاقم السفينة وهم :-
ا- البحارة
ب- النهام أو المطرب
ج – المكبس وهو الذي يعزف إلى آلة العود الموسيقية ليطرب البحارة
د- الطبال وهو الشخص المسئول عن تجهيز الدفوف والطبول والتي تستخدم في إقامة ليالي السمر أثناء رحلة السفر وكذلك عودتهم ودخولهم الكويت
هكذا كان العرف السائد في المجال البحري و كان بهذه الطريقة يوزع دخل السفينة بين طاقمها
العلاقات التجارية الدولية الكويتية
النشاط التجاري البحري الكويتي لم يكن منتشرا في جميع أنحاء العالم حسب ما يعتقد البعض و إنما كان انتشاره مقتصرا علي على قارتين هما أسيا وأفريقيا وهي المناطق التي كانت تتركز فيهما تجارة الكويت الدولية حيث أن الأسطول الكويتي لم يخرج في رحلاته التجارية عن نطاق هذه المناطق إلا في حالات نادرة جدا ورحلات فردية قد يكون وصل إليها مثل المحيط الهادي فوصل إلى إندونيسيا وسنغافورا فلم نسمع في تاريخ الكويت عن وصول الأسطول التجاري الكويتي إلي مياه البحر المتوسط أو مياه المحيط الأطلسي و أنما اقتصر نشاطه الرئيسي على المناطق آلاتية :-
1- منطقة الخليج العربي
2- المحيط الهندي
3- البحر الأحمر
منطقة الخليج العربي :-
نظرا لكون الكويت تقع على الخليج فكان لابد لها أن تكون على علاقات تجارية كبيرة مع العديد من الدول التي تطل على هذا الخليج وتأتي في مقدمتها العراق وإيران حيث أن الكويت كانت دولة مستوردة لكثير من البضائع التي تنتج من هذه الدول بسبب قلة إنتاجية الكويت من المواد الغذائية وغيرها من المواد الأخرى التي تدخل في التجارة الدولية كما أن في الكويت أيضا ترتكز في تجارتها وحركتها الاقتصادية إلى تجارة إعادة التصدير التي كانت مزدهرة في تلك الأيام كانت الكويت تعيد تصدير هذه البضائع وغيرها من البضائع التي يستوردها من الدول الأخرى إلى كل الدول المطلة على الخليج بدون استثناء ولهذا أصبحت العلاقات التجارية قوية مع كل الدول المطلة على الخليج وسوف نتطرق بالحديث عن أهم الدول التي لها علاقات تجارية مع الكويت وخطوط التجارة البرية و البحرية معها
الخطوط التجارية البرية :
عندما نتكلم عن الخطوط البرية فنحن بدون شك لا نتكلم هنا عن السيارات أو الشاحنات الكبيرة المزودة بكل وسائل الراحة المهيأة للسفر للمسافات البعيدة و التي تسلك الخطوط البرية التي متوفرة اليوم و التي تربط العالم كله وليس منطقة الجزيرة العربية ولا نتكلم هنا أيضا عن طرق جيدة للتجارة الدولية مثل الخطوط السريعة التي تسير بها السيارات بأقصى سرعتها في طريق عريض ممهد بالإسفلت مزود به كل وسائل الراحة من محطات وقود و نقاط استراحة وفنادق جيدة وأسواق مركزية لا بل نحن نتكلم عن طرق برية وعرة غير مأمونة وغير معبدة موجودة في داخل الصحراء تخلو من كل مظاهر الحياة حيث لا توجد أي علامات مرورية وإرشادية تدل على الطريق اللهم بعض العلامات التي يضعها بعض المسافرين أو المعالم التي عادة ما تكون موجودة في هذا الطريق مثل آبار المياه التي تساعد على الاهتداء للطريق كما أنها نقطة تجمع ثانوية تلتقي عندها القوافل للاستراحة من عناء الطريق و للتزود بالمياه وسقاية أبلهم وعادة ما يتم اختيار الطرق التي تكون بها هذه الآبار لأهمية هذه الآبار وكانت عملية السفر هي بحد ذاتها عملية مخاطرة ومجازفة بالحياة والتي كانت كثيرا ما كانت تتعرض لقطاع الطرق الذين يقومون بسلب البضائع التجارية وسرقتها كما قد يتعرض كل من في القافلة إلى الموت في حالة تعرضهم لقطاع الطرق ونتكلم أيضا عن وسيلة النقل والانتقال وهي الجمال أو الدواب حيث يعتبر الجمل من أهم الدواب في نقل البضائع في وسط الصحراء ولكن يعيب الجمل بأن حمولته هي حمولة محدودة حيث يستطيع الجمل الواحد أن يحمل متوسط حمولة تبلغ مائتان كيلوجرام فقط ومنها نستدل أن حمولة وزنها طن واحد فقط تحتاج إلى خمسة جمال ولذلك نرى أن أي قافلة من الدواب تخرج من الكويت لا تزيد الحمولة فيها عن أكثر من خمسة وعشرين طن وهي تعادل حمولة شاحنة واحدة كبيرة ولكن حينما تكثر أعداد الجمال في القافلة يصبح من المتعذر السيطرة على هذه الأعداد الكبيرة من هذه الدواب وهذه الجمال أو الدواب كما معروف هو تسير بطريقة القوافل أي أن كل جمل يسير خلف الأخر والتي تتكون من مئات من الجمال والبغال والخيول والحمير بالإضافة إلى العديد من الحراس والذين يبلغون أكثر مائتان رجل والتي تسير لمدة أثني عشر ساعة في اليوم حيث يتخللها فترات للاستراحة والنوم وتناول الوجبات وغير ذلك من أمور حياتية وعادة القافلة تسير بمتوسط سرعة تبلغ ستة كيلومتر ونصف الكيلومتر أي أن القافلة تقطع في اليوم الواحد حوالي ثمانية وسبعون كيلومتر وهي المسافة التي تقطعها السيارة اليوم في نصف ساعة ولذلك فأن الرحلة على سبيل المثال من الكويت إلى البصرة والتي تبلغ المسافة بينهما مائة وثمانون كيلومتر فأن القافلة كانت تقطعها خلال فترة يومان ونصف اليوم و أستمر هذا الوضع إلى نهاية العشرينات من القرن العشرين حيث أخذت السيارة تحل تدريجيا محل الدواب في نقل البضائع
لقد كانت القوافل التجارية التي كانت تخرج من الكويت سواء كانت متجهة إلى العراق أو الشام داخل شبة جزيرة العرب منتظمة وتتم في مواسم معينة وخصوصا موسم الحج والذي يكون مرة واحدة في كل عام وكانت القوافل تتكون من أعداد كبيرة من الجمال يتراوح أعدادها ما بين (200- 500) جمل في المتوسط وقد يصل العدد إلى أكثر من ذلك حيث يصل العدد إلى أربعة آلاف أو خمسة آلاف جمل وكان كل مسافر مع هذه القافلة يدفع أجرة محددة بقدر متعارف علية يشمل أجور النقل والضرائب والمكوس الجمركية أو( الخاوات ) التي تدفع للقبائل نظير مرور هذه القوافل وسلامتها في أرض هذه القبيلة ويشترط رئيس القافلة على المسافر أن يشتري أو يستأجر جملا أو أكثر خاص به يضع علية أمتعته الخاصة مثل الخيمة وقربة الماء وبعض المأكولات الخفيفة والتي تسمى ( الزهاب ) والتي تتكون عادة من ( الحلوى والرهش والسمبوسك الحلو والدرابيل وغيرها من الحلويات المعروفة في الكويت ) كما يستأجر له هودج يقيه من التقلبات الجوية من حرارة الشمس وأشعتها أو برودة الجو في فصل الشتاء . أما الوجبات الرئيسية فهي تقدم للمسافرين من قبل القافلة ضمن الأجرة التي دفعها .
و كانت كل قافلة يرأسها رئيس له معرفة ودراية كبيرة في الطرق والمسالك البرية وعادة ما يكون الرئيس هو صاحب هذه القافلة وهو المسئول عنها وعن راحتها وأماكن استراحتها وكلمته مطلقه لا تناقش بالإضافة إلى أن هناك بعض القوافل تستخدم دليل خاص بها يعرف في اللهجة الكويتية (دليلة) هذا إذا كان رئيس القافلة لا يعرف هذه المسالك أو الطرق البرية وأشهر (دليلة )عرف في الكويت هو (بن هدبة ) حيث يضرب به المثل في معرفته في طرق القوافل البرية .
وكانت القوافل تخرج من الكويت بعد صلاة الفجر مباشرة يتقدمها رأو يتبرعلة ومعه (الدليلة)ويحيط بها من الجوانب الحرس الذين عادة ما يكونوا من الفرسان المسلحين وتسير هذه القوافل عادة طول النهار وتستريح في الليل في الأيام التي يكون الجو باردا أما في أيام الصيف حيث ترتفع درجة حرارة الجو في النهار فا عادة ما يكون مسيرها في الليل ويسمى المسير الليلي (سروه ) (يسرون في الليل ) ودائما تكون أماكن الاستراحة هي عند أبار المياه أو في مراكز الحدود أو عند قرى معينة يكون فيها خانات كانت تسمى (مسافر خانة ) والتي أقرب ما تكون إلى الفندق في وقتنا الحاضر وهذا الخان هو عبارة عن حوش أو فناء كبير تبنى في وسطه بئر ماء أو خزان أرضي للمياه وحول هذا الفناء العديد من الغرف التي يستأجرها المسافرون ويستريحون بها حيث يطبخ الأكل وتغسل الملابس ويمكثون به لليلة أو ليلتين ثم يعاودون مسيرهم إلى الجهة المقصودة لهم .هذه الخانات كانت تبنيها الحكومات أو يقوم بعض التجار ببنائها أو يتبرع بها بعض المحسنين تقربا لوجه الله تعالى .
كانت القوافل عندما تستريح في منطقة خارجية بعيدة من المناطق المأهولة فأن لها طريقة خاصة في حفظ وحماية البضائع التي كانت تنقلها من النهب والسرقة التي يتسبب بها قطاع الطرق أو غارات التي يشنها رجال القبائل في الصحراء على هذه القوافل حيث توضع البضائع في الوسط ويحيط بها حزام من الحيوانات التي كانت تحملها ثم خلف هذا الحزام توضع الخيام التي ينام المسافرون فيها بشكل دائري يحيط الكل وخلف ذلك ينام حرس القافلة المسلحون . ولهذا كان القلق والخوف على سلامة البضائع طوال كان دائما يصاحب أفراد القافلة خشية تعرضها للنهب والسرقة خصوصا إذا كانت قافلة كبيرة فيها بضائع كثيرة ولهذا تكون مغرية لقطاع الطرق للتعرض لها وسرقتها ولهذا فأن العديد من القوافل تدفع جزية أو حسب ما يعرف (الجويزة ) وهي الرسوم التي تدفع للقبائل التي تمر القوافل في أراضيها حتى تحميها من قطاع الطرق
خطوط التجارة البحرية
كانت التجارة البحرية في الكويت في الأيام الأولى من تأسيس الكويت تعتمد اعتمادا كبيرا على السفن الشراعية الصغيرة الحجم الشراعية صغيرة الحجم مثل ( الجالبوت – والشوعي والسنبوك)فلم تخرج هذه السفن الصغيرة عن نطاق مياه الخليج العربي ولكن مع نمو مدينة الكويت وتكاثر سكانها جاءت الحاجة إلى السفن الكبيرة وفي عهد الشيخ عبد الله الأول والذي حكم الكويت من الفترة (1762- 1812) شعر التجار الكويتيين بحاجتهم الماسة إلى سفن كبيرة للتجارة والتي تستطيع الخروج من مياه الخليج والدخول إلى المواني التي تتواجد في مياه المحيط الهندي ولهذا فان التاجر الكويتي احمد بن رزق طلب الأذن من الشيخ عبد الله الأول بالسماح له باستيراد الخشب من الهند حتى يبني سفينة كبيرة من البغلة تستطيع السفر إلى خارج مياه الخليج الذي أيد هذه الفكرة ومباركا لها وفعلا تم ذلك وبذلك يكون التاجر احمد بن رزق أول تاجر كويتي تكون سفينته أول السفن الكويتية التجارية التي تخرج من مياه الخليج بقصد التجارة مفتتحا الباب أمام التجار الآخرين في تقليده وبناء السفن الكويتية التجارية الكبيرة التي استطاعت الوصول إلى مواني الهند ونمى الأسطول التجاري الكويتي وكبر وذلك بتأيد حكام الكويت الذين خلفوا الحكم بعد الشيخ عبد الله الأول ونشطت الحركة التجارية البحرية وأصبح هناك موسم سنوي يعرف باسم ( موسم السفر) وبدايته تسمى الدشة وتعني دخول البحر و بداية الدشة تكون في الشهر الثامن (أغسطس )ويستمر موسم السفر حتى نهاية الشهر الخامس ( مايو)ويعرف باسم الغلاق والتي تعني إغلاق موسم السفر بسبب هبوب الرياح الموسمية المسببة لهيجان البحر وعلو أمواجه والتي تعرف محليا (بالسرايات) وهي نهاية موسم السفر
وكان السفر يبدأ بتوجه السفن إلى البصرة و من ثم إلى المواني العديدة في الهند مثل كرا تشي والنيبار أو الملبار وبومباي والساحل اليمني مثل سيحوت وحضرموت والمكلا وعدن البحر الأحمر وشرق أفريقيا مثل ممباسا وزنجبار وكان متوسط سرعة السفن تتراوح ما بين ( 6- 8 ) عقدة في الساعة أي ما يعادل ( 10 – 13) كيلومتر في الساعة وتتغير هذه السرعة حسب حالة الرياح وقوتها فقد تزيد سرعة السفن هذه إذا كانت الرياح قوية وسريعة فتصل في بعض الأحيان إلى (14) عقدة في الساعة وقد تنخفض إلى ما دون (4) عقدة في الساعة إذا كانت الرياح ساكنة فأن مدة السفر أو (المطراش) تتغير حسب حالة الجو ولذلك فأن البحارة قد يمكثون فترة طويلة داخل البحر فوق ظهر السفينة ولهذا فان المخاطر التي تحيط بالسفينة تزداد كلما ازدادت فترة السفر ولذلك تجد البحارة يصابون بالسأم والملل في داخل البحر وذلك تجد أن القول الذي يتردد على لسان كل بحار ( الداخل للبحر مفقود والخارج منه مولود ) ومخاطر البحر عديدة جدا ولكن أهمها على الإطلاق هي هبوب العواصف الهوجاء والتي تودي في بعض الأحيان إلى غرق السفينة وموت جميع بحارتها كما حدث في سنة 1876 والتي غرق فيها الكثير من السفن الكويتية وموت كثير جدا من البحارة ويعود سبب تلك الكارثة إلى هبوب أعاصير في المحيط الهندي وقد راح ضحيتها اغلب السفن ومن عليها من بحارة واعتبرت هذه السنة من السنوات الهامة في تاريخ الكويت وسميت تلك السنة بسنة (الطبعة) بسبب نتائجها السلبية على الحياة في الكويت حيث فقدت أغلب العوائل الكثير من أبنائها كما فقد التجار معظم سفنهم في تلك السنة بالإضافة إلى العديد من المخاطر مثل الضباب الذي يتكون وبصورة خاصة على السواحل الشرقية من الخليج حيث يتسبب هذا الضباب إلى ضياع السفن والخروج عن مسارها بسبب فقدان الرؤيا الأمر الذي يؤدي إلى إما اصطدامها ببعض الصخور البحرية وتهشم السفينة وبالتالي غرقها أو اصطدامها بسفن أخرى تكون قريبة منها أو ضياعها وفقدانها في البحر بسبب نفاذ تموينها
والجدول التالي يبين مدة السفر من مدينة الكويت إلى المدن الواقعة على المحيط الهندي بالسفن الشراعية
المدة التقريبية للسفر بالأيام | إلى |
10- 14 يوما | كراتشي |
21 – 28 يوما | بومباي |
7 – 10 أيام | مسقط |
21 – 28 يوما | عدن |
35- 45 يوما | زنجبار |
28- 35 يوما | مقديشو |
40 – 45 يوما | سيلان |
15 – 20 يوما | سيحوت |
14- 21 يوما | كاليكوت |
40- 45 يوما | ممباسا |
20 – 28 يوما | المكلا |
التجارة مع المملكة العربية السعودية :
تدخلت الطبيعة في شبه الجزيرة العربية في تحديد الحرف الرئيسية التي يمارسها الإنسان على هذه الأرض القاحلة ذات الندرة في المياه حيث تركزت حرفتين رئيسيتين هما التجارة الدولية وحرفة رعي الأغنام والإبل كحرف رئيسية يمتهنها الإنسان في هذه المنطقة وأشترك هاتين الحرفتين مع بعضهما الأخر وأصبحت كلتا الحرفتين تعتمد كلا منهما على الأخرى حيث تستخدم هذه الحيوانات في التجارة أما لبيع منتجاتها المتعددة أو في نقل البضائع من منطقة إلى الأخرى
وكون الكويت بحكم موقعها الجغرافي المميز والذي يقع في أقصى الشمال الغربي للخليج ووجود خليج الكويت في هذه المنطقة والذي شكل ميناء طبيعي ترسو فيه السفن التجارية القادمة من البحار العالمية فقد أصبحت الكويت هي البوابة التجارية المهمة التي تغذي شريان التجارة في هذه المنطقة حيث انطلقت منها الخطوط التجارية باتجاه العديد من المدن في داخل شبه الجزيرة العربية والعراق وبادية الشام وقد ساعد على نمو التجارة وامتداد خطوطها الدولية عدة أسباب منها :-
الوضع السياسي المستقر في داخل الكويت ووجود المشاكل السياسية التي وقعت بين أبن سعود وبن الرشيد والأخوان الوهابيين أدى إلى تحول خطوط التجارة الدولية إلى داخل الجزيرة العربية من مواني العقير والقطيف إلى الكويت
الرعاية الجيدة التي قدمها جميع حكام الكويت دون استثناء للحركة التجارية ودعمها بكل الوسائل المتاحة في ذلك الوقت مثل انخفاض الضريبة الجمركية ورعاية القوافل وحراستها
عدم وضع أبن سعود في أوائل فترة حكمه مراكز جمركية بينه وبين الكويت بسبب اطمئنانه من ناحية الكويت واعتماده عليها من الناحية التجارية وكذلك انشغاله في توطيد حكمه داخل الجزيرة العربية
لكن هذا الوضع التجاري الجيد لم يستمر طويلا إذ سرعان ما دب الخلاف بين الشيخ سالم المبارك الحاكم التاسع للكويت والملك عبد العزيز آل سعود حول تحديد الحدود بين الكويت والسعودية مما أدى إلى أن يقوم الملك أبن سعود من منع رعاياه من التوجه إلى الكويت ومنع التجارة معها في عام 1920 وفرض الحصار عليها والذي أستمر قرابة العشرين عاما الأمر الذي أدى إلى شلل التجارة بين البلدين والتي كانت يعتمد الاقتصاد الكويتي على هذه التجارة اعتمادا كبيرا وكان هذا الحصار بمثابة ضربة موجعة للاقتصاد في الكويت حيث أن العديد من تجار الكويت اصبحوا في حالة إفلاس كما أن العديد من المرافق الاقتصادية كانت شبه متعطلة
ويذكر العديد من رجالات الكويت أن من أهم الأسباب التي أدت إلى هذه المقاطعة التجارية هو رفض الكويت طلب تقدم به بن سعود في عهد الشيخ احمد الجابر من إقامة مراكز جمركية سعودية في داخل سور الكويت خوفا من أن يدعي أبن سعود في المستقبل أن هذه المراكز هي الحدود السياسية بين الكويت والسعودية الأمر الذي أغضب بن سعود وأثار حفيظته على الكويت واستمرت المقاطعة التجارية كما قلنا قرابة العشرين عاما حيث بذلت خلال هذه الفترة العديد من المحاولات لراب الصدع بين البلدين قام بها وسطاء من الطرفين لإعادة العلاقات التجارية بين البلدين إلى سابق عهدها ونجحت هذه المحاولات في عام 1942 الأمر الذي أدى إلى عقد اتفاقية تجارية تم التوقيع عليها في 20/4/1942 من قبل الشيخ احمد الجابر والملك عبد العزيز بن سعود حيث أنشئ بموجب هذه الاتفاقية مكتب تجاري سعودي في الكويت يتولى عملية تنظيم الحركة التجارية بين البلدين
الخطوط التجارية مع المملكة العربية السعودية
الخطوط التجارية البحرية :
لم تكن الخطوط التجارية البحرية بين الكويت والمملكة العربية السعودية خطوط لها أهميتها بسبب الضهير الأرضي الشاسع الذي يفصل البحر والمدن السعودية التي تقع في الجزء الشرقي من شبه جزيرة العرب فالمدن التي كانت تطل على الخليج لم تكن بذات الأهمية القصوى حيث أنها قرى صغيرة جدا وسوقها صغير بالمقارنة مع المدن الكبيرة والمعروفة في داخل الجزيرة العربية والمسافة آلتي تقع بين هذه المدن الساحلية والمدن الكبرى هي تقريبا نفس المسافة بين الكويت والمدن السعودية الكبرى ولهذا فأن التجار الكويتيين كانوا يفضون أن تزل البضائع في الكويت ويعاد تصديرها إلى داخل الجزيرة العربية ولكن هذا لا يعني خطوط التجارة البحرية بين المدن الساحلية السعودية المطلة على الخليج منقطعة بل العكس هو الصحيح ولكن إذا ما قورنت بالتجارة البرية فأن التجارة البرية كان نشاطها أكبر وأشمل فقد كان هناك اتصال مباشر وخطوط بحرية بين الكويت و الدمام ومنطقة الاحساء وخصوصا العقير والقطيف حيث كانت السفن الكويتية تتجه إليها وخصوصا سفن القطاع والتي كانت تحمل البضائع المعاد تصديرها من الكويت المدن الساحلية السعودية
الخطوط التجارية البرية :
ثانيا – التجارة مع العراق :
ارتبطت التجارة الكويتية بالعراق ارتباطا وثيقا حيث اعتمدت الكويت اعتمادا كبيرا في تجارة البلدين ويعزى ذلك إلي موقع الكويت الملاصق للعراق الذي كان غنيا ووفيرا في إنتاجه الزراعي والحيواني ومصادر مياهه بعكس الكويت التي كانت تفتقر إلي هذا الإنتاج كما أن الارتباط الاجتماعي والعائلي بين البلدين لعب دورا أساسيا في الحركة التجارية إضافة إلي ذلك فأن حكام الكويت ساعدوا على نمو التجارة بين البلدين حيث أن القوانين الكويتية نتيجة لهذا الارتباط ساعدت على ازدياد الحركة التجارية فقد أعفت الكويت البضائع التجارية المستوردة من العراق من الرسوم والمكوس الجمركية أو أنها تأخذ رسوم رمزية في بعض الحالات على هذه البضائع كما أنها سمحت بحرية تنقل الأفراد بين البلدين بدون سمة دخول إلي أراضي كلا من البلدين ويذكر ( العم المرحوم احمد البشر ) في مقالات عن الكويت في عام 1966 عن التجارة بين الكويت والعراق فيشير إلي” أن الكويت كانت تجلب من البصرة أكثر حاجياتها كالرز (الشلب), التمر , جذوع النخل , سعف النخل , الفواكه بأنواعها كما يذكر أيضا بأن القوافل التجارية بين الكويت والعراق لم تنقطع طوال السنة كما أن هناك الكثير من التجار العراقيين يفدون إلي الكويت حيث يشترون اللؤلؤ من التجار الكويتيين وبعد ذلك يتم بيعه إلي الدول الأوربية كما أن التجار الكويتيين يتوجهون إلي المدن العراقية الرئيسية مثل بغداد والبصرة لبيع اللؤلؤ الكويتي هناك .
كما أن الأسطول التجاري الكويتي لعب دورا كبيرا في تجارة تصدير التمور العراقية إلي الخارج خصوصا الهند و دول الخليج
الخطوط التجارية البحرية مع العراق :
هناك خط تجاري بحري رئيسي واحد يربط الكويت بالعراق وهو الخط البحري الذي يسير من الكويت باتجاه الشرق من جون الكويت مرورا بين جزيرة فيلكا والصبية فالخليج العربي جاعلا جزيرة بوبيان في الناحية الشمالية من السفينة ثم ينقسم هذا الخط إلى فرعين رئيسيين الأول يتجه شمالا ويدخل إلى خور عبد الله ثم خور الزبير إلى ميناء أم قصر العراقي والخط الثاني يتجه إلى الشرق ثم يتجه شمالا ويدخل إلى شط العرب حيث يواجهه في الناحية الشرقية البر الإيراني و الناحية الغربية البر العراقي حيث أول ميناء عراقي يكون عند مصب شط العرب في الخليج هو ميناء الفاو ثم يتجه شمالا مواصلا السير في هذا الاتجاه حتى ميناء البصرة الذي يقع داخل شط العرب
خطوط التجارة البرية مع العراق :
كما ذكرنا سابقا أن هناك مخاطر في خطوط التجارة البرية وان السفر في البر ليس عملية سهلة كما نتصورها نحن في هذه الأيام إلى درجة أن قوافل بأكملها قد تختفي من وجه الأرض لعدة أسباب منها العوامل الطبيعية كا هبوب الرياح القوية مثل العواصف الرملية والتي تؤدي إلى ضياع القافلة في متاهات الطرق ونفاذ المؤونة والماء وهي من العوامل التي نادرا ما كانت تحدث بسبب معرفة التجار إلى المواسم تهب فيها الرياح أو عوامل بشرية كتعرض القوافل إلى قطاع الطرق أو هجوم القبائل البادية على هذه القوافل للسلب والنهب وهي التي كانت هي مصدر الخطر على هذه القوافل التجارية حيث كانت سلطة الدولة ورقابتها على خطوط التجارة كانت ضعيفة جدا حيث لم تتعدى عن عدة كيلومترات خارج مدينة الكويت ولهذا فأن أغلب القوافل كانت تخرج ومعها حرس خاص بها مسلح يحميها من أي هجوم مسلح قد تتعرض له في طريقها البري
وأما الخطوط البرية التي كانت تسلكها القوافل إلي البصرة فكانت كا الأتي :-
يبداء هذا الطريق من بوابة الجهرة حيث تسير القوافل في اتجاه الغرب بمحاذاة خليج الكويت أو ما يعرف (جون الكويت) إلى عشيرج والتي تسمى ألان الصليبيخات و ثم الجدادية والصليبية وأم غرة ومنها إلى الجهرة حيث تتجمع فيها القوافل و تتزود هذه القوافل بالماء من هناك ثم تنطلق من الجهرة بعد ان تستوفي كل احتياجاتها الغذائية وهي بذلك تكون مفترق الطرق حيث تفرع منها طريقان باتجاه البصرة
الأول يتجه شمالا من الجهرة إلى المطلاع ثم كراع المرو في خط مستقيم داخل الصحراء حيث تخلو هذه المنطقة من المدن أو أي تجمع سكاني باتجاه الشمال إلى الروضتين التي توجد بعض أبار المياه ومنها إلى القرعه وبعدها العبدلي ثم منطقة الشق فجبل سنام حيث تبلغ المسافة (120) كم وهي كلها مناطق صحراوية قاحلة إلى أن تصل القافلة إلى منطقة الزبير وهي أول منطقة مؤهلة بالسكان بعد الجهرة حيث تتزود القبائل بالماء من منطقة الادريهمية في الزبير وتترك القافلة الزبير حيث تتجه إلى البصرة وتقطع القافلة هذه المسافة خلال يومين أو ثلاثة أيام على أكثر تقدير
والثاني يتجه من الجهرة شرقا إلى الصبية حيث يسير في بر قضي على الشريط الساحلي أو ما يسمى بالخويسات إلى أن يصل إلى قصر الصبية ومنها يتجه الطريق شمالا إلى منطقة المغيرة حيث القوافل تتزود بالماء من الآبار العذبة في هذه المنطقة ومنها شمالا أيضا إلى الرفجية ثم إلى الصبرية التي يوجد بها أيضا أبار مياه عذبة هي أبار حقيجة ومن ثم إلى أم قصر حيث يتجه الطريق غربا إلى أم نقا التي بها أبار مياه عذبه ومنها إلى صفوان ومن ثم شمالا إلى مدينة الزبير والبصرة في أخر المطاف .
أما الطريق الثالث أيضا يخرج من الجهرة في اتجاه الشمال إلى المطلاع ويتجه منها إلى الشمال الشرقي حيث يمر هذا الطريق في منطقة الزقلة ومنها إلى القرعة ومن ثم إلى الياه والباطن حتى يصل إلى أبار القشعانية والتي تقع إلى الجنوب الشرقي من صفوان بمسافة (15) كيلومتر